ما هو دور الهوية الشخصية في استراتيجيات تسويق المؤثرين؟
أصبح تسويق المؤثرين من أكثر الأدوات فعالية في الحملات التسويقية، حيث تعتمد العلامات التجارية على الشخصيات المؤثرة لنقل رسائلها بطريقة أكثر أصالة ومصداقية للجمهور. ولكن ما لا يدركه الكثيرون هو أن نجاح أي حملة تسويق مؤثرة لا يعتمد فقط على عدد المتابعين أو التفاعل الرقمي، بل يتأثر بشكل أساسي بمدى توافق الهوية الشخصية للمؤثر مع قيم العلامة التجارية. في الواقع، الهوية الشخصية يمكن أن تكون عاملًا مساعدًا في تعزيز قوة الحملة، أو قد تتحول إلى عقبة تقلل من تأثيرها. لذلك، فهم العلاقة بين الهوية الشخصية للمؤثر واستراتيجية التسويق هو مفتاح النجاح لأي تعاون بين العلامات التجارية والمحتوى المؤثر.
كيف يمكن للهوية الشخصية أن تدعم أو تقلل من فعالية استراتيجيات المؤثرين؟
الهوية الشخصية هي أكثر من مجرد مظهر أو أسلوب تواصل؛ إنها المزيج المتكامل من القيم، النبرة، الخلفية، والمصداقية التي يبنيها المؤثر عبر الزمن. عندما تتماشى هذه الهوية مع طبيعة العلامة التجارية، يكون تأثير الحملات التسويقية أكثر عمقًا وإقناعًا، حيث يثق الجمهور في الرسائل التي يقدمها المؤثر. على سبيل المثال، إذا كانت العلامة التجارية متخصصة في المنتجات الصحية، فإن التعاون مع مؤثر معروف بأسلوب حياة صحي ومحتوى يعكس هذا التوجه سيكون أكثر مصداقية من التعاون مع شخص ينشر محتوى لا يتماشى مع هذه الرسالة.
في المقابل، إذا كان المؤثر لديه هوية شخصية غير متوافقة مع قيم العلامة التجارية، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف التفاعل وحتى إلى ردود فعل سلبية من الجمهور. هناك العديد من الحالات التي اضطرت فيها الشركات إلى إنهاء التعاون مع مؤثرين بسبب تصريحات أو مواقف غير متوافقة مع قيمهم، مما تسبب في أضرار لصورة العلامة التجارية. في السوق السعودي، رأينا حالات حيث تم إيقاف عقود بعض المؤثرين مع الشركات بسبب مواقف أو تصريحات أثارت الجدل بين الجمهور، مما يوضح أهمية اختيار المؤثرين بعناية وفقًا لهويتهم الشخصية ومدى توافقها مع هوية العلامة.
استراتيجيات لاختيار مؤثرين يتماهون مع هوية العلامة الشخصية
لضمان نجاح استراتيجية التسويق عبر المؤثرين، من الضروري اتباع نهج مدروس في اختيار الشخصيات المؤثرة. لا يكفي الاعتماد على الأرقام وحدها، بل يجب تحليل المحتوى، الرسائل، وحتى تفاعل الجمهور مع المؤثر. إليك بعض العوامل الأساسية التي يجب أخذها في الاعتبار عند اختيار المؤثرين:
- تحليل تطابق القيم والمبادئ
يجب أن تعكس هوية المؤثر نفس القيم التي تسعى العلامة التجارية إلى تعزيزها. على سبيل المثال، إذا كانت الشركة تهتم بالاستدامة والبيئة، فمن الأفضل اختيار مؤثر يهتم بهذه القضايا ويقدم محتوى يدعمها، وليس شخصًا معروفًا بأسلوب حياة غير مستدام. - دراسة سجل المحتوى السابق
مراجعة المحتوى السابق للمؤثر على مدار السنوات الماضية يساهم في فهم طبيعة رسائله، أسلوبه، وطريقة تفاعله مع الجمهور. بعض العلامات التجارية السعودية، مثل المراعي وساكو، قامت بتصفية المؤثرين الذين تتعاون معهم بناءً على هذه المعايير لضمان عدم وجود تعارضات محتملة. - تحليل التفاعل بدلاً من التركيز على الأرقام
أحيانًا قد يكون للمؤثر عدد كبير من المتابعين، ولكن التفاعل منخفض أو غير مؤثر. العلامات التجارية الذكية لا تنظر فقط إلى عدد المتابعين، بل تدرس مدى تأثير الشخص الفعلي على جمهوره، ومدى قدرة المحتوى الذي يقدمه على تحفيز التفاعل الحقيقي. - التجربة قبل الالتزام طويل المدى
بعض العلامات التجارية تعتمد على حملات تجريبية قصيرة مع مؤثرين قبل الدخول في شراكات طويلة الأمد. هذه الاستراتيجية تسمح بقياس مدى فعالية التعاون، وما إذا كان الجمهور يتفاعل بشكل إيجابي مع الشراكة. - ضمان الاتساق مع العلامة التجارية في الرسائل البصرية والمحتوى
العلامات التجارية السعودية الكبيرة مثل سابك، أرامكو، والاتصالات السعودية (STC)، تهتم بمدى تطابق العناصر البصرية، أسلوب التصوير، وطريقة سرد القصة مع هويتها المؤسسية عند اختيار المؤثرين للتعاون معهم.
دراسات حالة عن تأثير الهوية الشخصية على شراكات المؤثرين
في السوق السعودي، هناك العديد من الأمثلة التي توضح كيف أن اختيار المؤثر الصحيح يمكن أن يعزز الحملة التسويقية، أو العكس، كيف يمكن أن يؤدي الاختيار غير المناسب إلى نتائج غير مرضية.
١حملة عطور لافيرن مع جورجينا
تعاونت شركة عطور لافيرن مع المؤثرة جورجينا رودريغز، زوجة اللاعب رونالدو والتي تتمتع بشعبية كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي وتجسد الرقيّ والأنوثة والجمال. ساهم ذلك في صناعة صورة ذهنية إيجابية عن العطور وزيادة المبيعات بشكل مباشر.
الهوية الشخصية للمؤثر ليست مجرد عنصر إضافي في استراتيجية تسويق العلامة التجارية، بل هي أحد العوامل الرئيسية التي تحدد نجاح أو فشل التعاون. كلما كان هناك انسجام بين شخصية المؤثر وقيم العلامة التجارية، زادت فرص نجاح الحملة وتحقيق نتائج مؤثرة. لذلك، على الشركات أن تكون أكثر دقة في اختيار المؤثرين، مع التركيز على القيم، الرسائل، والمصداقية بدلًا من الأرقام فقط. في النهاية، التسويق المؤثر الناجح هو ذلك الذي يشعر فيه الجمهور بأن الرسالة حقيقية وصادقة، وليس مجرد تعاون تسويقي مبني على المدفوعات.